9 أعوام.. لنفاد “خزنة” التقاعد

9 أعوام.. لنفاد “خزنة” التقاعد

أحد إجتماعات لجنة خدمات النواب

92 ألف مواطن تحت مظلة التأمينات.. و“الإصلاحات” في “ملعب” النواب

9 أعوام .. لنفاد “خزنة” التقاعد

- متقاعدو “الخاص” 6 أضعاف “العام” في 2020

- 46 ألف متقاعد يستحقون الزيادة السنوية

- إدخال الأجانب يقفز بإيرادات الاشتراكات إلى 540 مليون دينار

9 أعوام تفصلنا عن الموعد الذي حددته الدراسة الاكتوارية للهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية لنفاد الصناديق التقاعدية في العام 2030، بعد إقرار الإصلاحات الطارئة التي منحت الصندوق العام 6 سنوات إضافية بعد أن كان مقررا نفاده في العام 2024.


عجلة العجز الاكتواري تسارعت في غضون 3 أعوام، حيث كان مقدرا عجز صندوق القطاع العام في مراجعة العام 2015 في العام 2028، إذ كان العجز حينها يبلغ 7.5 مليار دينار، إلا أن العجز قفز بمقدار الضعف تقريبا إلى 14.38 مليار دينار في مراجعة العام 2018، ليقرب موعد نفاد الصندوق إلى العام 2024، الأمر الذي استدعى إجراء إصلاحات طارئة.


أما القطاع الخاص فيبدو وضعه أكثر استقرارا من القطاع العام، إذ سجل معدل التراجع في مراجعات الهيئة للعامين 2015 و2018 فقط بمقدار سنة واحدة، بعد أن كان الوقت المتوقع لنفاد الصندوق هو العام 2034، ثم أصبح في العام 2033.


أمام لجنة الخدمات البرلمانية مهمة ثقيلة، وتقرير مثقل بالأرقام والمعلومات والدراسات الإصلاحية لأوضاع الصناديق، ومد عمرها إلى العام 2086.


المعادلة الصعبة التي يسعى النواب لحلها هي كيف يمكن أن توفر دراساتهم ومناقشاتهم علاجا “سحريًّا” لعجز الصناديق التي أزف موعد نفادها، دون المساس بالمكتسبات الحالية للمتقاعدين.

الإصلاحات المستعجلة
بعد إقرار حزمة الإصلاحات الطارئة والتي شملت دمج صندوقي تقاعد القطاع العام المدني والقطاع الخاص، وربط الزيادة السنوية للمعاش التقاعدي بوجود فائض بالصناديق، ووقف الجمع بين المعاش التقاعدي والراتب، ومنع الجمع بين المعاشات التقاعدية من أي من الصناديق التقاعدية والتأمينية، تمكنت الحكومة من مد عمر الصناديق الموحدة إلى العام 2030 واستمرارها في الوفاء بالتزاماتها تجاه 95 ألف مواطن.


وتتدارس السلطة التشريعية اليوم عن طريق لجنتي خدماتها الشورية والبرلمانية 6 إصلاحات مستعجلة قدمتها الحكومة كحل لاستدامة الصناديق التقاعدية، ومد عمرها إلى العام 2086.


وتمثلت الإصلاحات في خفض المعاش بمعدل 6 % عن كل سنة من سنوات التقاعد قبل سن التقاعد الاختياري، واعتبار سن التقاعد الاعتيادي 60 سنة والاختياري 65 سنة، مع جواز الاستمرار في العمل بعد ذلك.


وتضمنت الإصلاحات تسوية المعاش على متوسط راتب الخمس سنوات الأخيرة قبل التقاعد، وزيادة نسبة الاشتراكات التأمينية 1 % تدريجياً حتى تبلغ 27 %، اعتباراً من سنة 2020.


وشملت الإصلاحات المستعجلة التي يتم دراستها كذلك وضع حد أدنى لسن التقاعد عند 55 سنة، إضافة إلى إلغاء سنوات الخدمة الاعتبارية.


مصروفات الصناديق
وتأتي هذه الإصلاحات حيث شهدت مصروفات الصناديق التقاعدية نمواً مطرداً، حيث كانت مصروفات الصناديق لا تتجاوز 146 مليون دينار في العام 2008، لتغدو 555 مليون دينار في العام 2018، أي بزيادة بلغت 409 ملايين دينار.


وفي المقابل، سجلت إيرادات الاشتراكات نمواً طفيفاً بلغ 340 مليون دينار في العام 2018 بعد أن كانت إيرادات الاشتراكات 203 ملايين دينار في العام 2008، أي بزيادة 137 مليون دينار.


وعلى النقيض من ذلك، سجلت عوائد الاستثمارات نموا بلغ 1.63 مليار دينار في 6 سنوات الماضية بواقع 54 %، بنحو 154 مليون دينار في العام 2019 مقارنة بمبلغ 100 مليون دينار في 2012.


هُدهُد المراسلات
ويتصدر هدهد المراسلات بين اللجنة والهيئة والجهات المختصة مشهد المرحلة الحالية، وآخرها الخطاب الوارد من الهيئة للرد على طلب اللجنة بشأن دراسة إمكان وضع نظام مشابه لنظام نهاية الخدمة للضباط وأفراد قوة دفاع البحرين والأمن العام غير البحرينيين، ضمن المشروعين بقانون موضوع الدراسة، ومقدار المبالغ التي ستدخل للصندوق حال تطبيق النظام على الأجانب في القطاعين العام والخاص.


وأشارت الهيئة إلى أن وضع هذا النظام يتطلب دراسته بما يتناسب مع طبيعة العمل في كلا القطاعين، كما أن مقدار الاشتراكات السنوية التي ستؤول لصندوق التقاعد والتأمينات الاجتماعية نتيجة إنشاء هذا النظام ستبلغ 200 مليون دينار سنويا تقريبا.


وبالعودة إلى إيرادات الصندوق من الاشتراكات والبالغة 340 مليون دينار للعام 2018 وجمعها مع الإيرادات التقديرية في حال ضم الأجانب والبالغة 200 مليون دينار، فإن مجموع إيرادات الاشتراكات سيقفز إلى 540 مليون دينار، بفارق طفيف مع إجمالي المصروفات البالغة 555 مليون دينار في العام 2018.


إحصاءات المتقاعدين
أما فيما يتعلق بأعداد المتقاعدين أو المستحقين عنهم، فأظهر الإحصاء الذي بعثته الهيئة للجنة أن إجمالي عدد المتقاعدين الأحياء حتى ديسمبر 2020 بلغ 71 ألفاً و516 متقاعدا، مقابل 11 ألفاً و156 متقاعدًا متوفيًا، و20 ألفًا و627 مستحقًّا عن المتوفين.


وبلغ إجمالي عدد المتقاعدين الأحياء والمتوفين والمستحقين عنهم ممن تقل معاشاتهم عن 500 دينار، 60 ألفاً و459 شخصاً، مقابل 16 ألفًا و280 شخصًا ممن تتراوح معاشاتهم بين 500 دينار و750 ديناراً، إلى جانب 9527 شخصا تتراوح معاشاتهم بين 750 ديناراً و1000 دينار، إضافة إلى 17 ألفًا و33 شخصاً ممن تبلغ معاشاتهم 1000 دينار فأكثر.


وأشارت الهيئة إلى أن الكلفة التقديرية للزيادة السنوية البالغة (3 %) لكل من تلك الفئات تبلغ 4.402 مليون دينار تقريباً لعدد 45837 متقاعدًا يقل معاشه عن 500 دينار، و2.995 مليون دينار تقريباً لعدد 13491 متقاعداً تتراوح معاشاتهم بين 500 دينار و750 ديناراً، و2.548 مليون دينار تقريبا لعدد 8190 متقاعداً تتراوح معاشاتهم بين 750 ديناراً و1000 دينار، و8.982 مليون دينار لعدد 15154 متقاعداً تبلغ معاشاتهم 1000 دينار فأكثر.


وفي خطاب آخر للهيئة رداً على طلب اللجنة التي يرأسها النائب أحمد الأنصاري كشفت فيه عن إحصائية بأعداد المتقاعدين السنوي منذ العام 2017 وحتى مارس 2021 في القطاعين العام والخاص.


وسجل العام 2019 أعلى معدل للمتقاعدين بواقع 11 ألفاً و815 موظفاً، بينهم 8928 موظفا من القطاع العام، و2887 موظفا من القطاع الخاص.


تأتي القفزة غير المسبوقة في أعداد المتقاعدين في العام 2019 نتيجة إطلاق الحكومة برنامج التقاعد الاختياري لموظفي القطاع العام والذي استقطب حسب الإحصائيات الحكومية الرسمية حوالي 8 آلاف موظف.


ومنذ بداية العام الجاري وحتى 16 مارس الماضي بلغ عدد من تقاعدوا 1057 موظفا، 292 منهم في القطاع العام و765 من القطاع الخاص.


وشهد العام 2020 تدنيا في معدل المتقاعدين في القطاع العام بواقع 592 متقاعداً، مقابل 3773 متقاعدا من القطاع الخاص، مسجلا بذلك أعلى معدل للمتقاعدين من القطاع الخاص من العام 2017.


وسجلت الإحصائية خروج 5289 موظفا من القطاعين العام والخاص على التقاعد في العام 2018، فيما سجلت تقاعد 4500 موظف في العام 2017، إذ سجل القطاع العام تقدمه في كلا العامين.


لجنة التحقيق
وتنطلق مناقشات الإصلاحات التقاعدية الدور المقبل في أعقاب لجنة تحقيق شهدها الدور الثالث المنصرم من عمر الفصل التشريعي الخامس، والتي نتج عنها 50 توصية و10 استنتاجات وملاحظات.


وتلخصت أبرز التوصيات في عودة الزيادة السنوية إلى سابق عهدها قبل المرسوم بقانون، والذي قصرها على من تقل معاشاتهم التقاعدية عن 500 دينار، وتشكيل مجلس إدارة جديد للهيئة من ذوي الخبرة والكفاءة، واتخاذ الهيئة كافة الإجراءات القانونية للمطالبة بالاشتراكات المترتبة على الشركات والمؤسسات الخاصة، واسترجاع كافة الاستثمارات المشطوبة، إلى جانب التفتيش على أصحاب العمل الخاضعين لقانون التأمين الاجتماعي، وإعداد تقرر سنوي عن أداء الهيئة من قبل ديوان الرقابة المالية والإدارية.


وأوصت اللجنة كذلك بتعديل آلية منح المكافآت، ووضع حد أدنى للأجور التأمينية للأجانب، وإدخال العمالة الأجنبية في صناديق التقاعد، ووضع حد أعلى للراتب الذي يحصل على أساسه المعاش.


وأفاد تقرير لجنة التحقيق بقيام الهيئة بشطب مبالغ تصل إلى 17 مليون دينار على 9 شركات، إلى جانب خسارة في أرباح الشركات الزميلة للعام 2017 مقدارها 1.7 مليون دينار، حيث أرجعت الهيئة السبب إلى انخفاض القيمة السوقية في الاستثمارات، كما تم تسجيل ملاحظة بوجود خسارة في العام 2018 لبند إجمالي الدخل من العقارات الاستثمارية مقدارها 22 مليون دينار.


وكشف التقرير إلى أن قيمة مبالغ الاشتراكات التي لم تسدد من قبل المؤسسات والشركات بلغت 45 مليون دينار، إلى جانب وجود مبالغ متبقية من الكلفة الاكتوارية عن مدد عضوية أعضاء السلطة التشريعية بمبلغ 105 ملايين دينار لم تسدد للهيئة.


وأشار التقرير إلى أن عدد الدعاوى المرفوعة والمنظورة أمام المحاكم للمطالبات بالمستحقات هو 2425 بإجمالي مبلغ قدره 21 مليون دينار، فيما أقرت الهيئة أن قيمة المديونيات المستحقة على منشآت القطاع الخاص المتخلفة عن السداد أكثر من 90 مليون دينار.

المحفظة الاستثمارية

من جهتها، بينت  الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي  أن متوسط نسبة العوائد للمحفظة الاستثمارية التي تديرها شركة أصول في الخمس سنوات السابقة (من 2016 إلى 2020) بلغ حوالي 7.49 %، وهي نسبة تفوق توصيات الخبير الاكتواري بحوالي 25 %، وأن طريقة حساب العوائد في شركة أصول متوافق مع “معايير أداء الاستثمار العالمي” (GIPS).  


ولفت تإلى أن لجنة التحقيق لم تأخذ بعين الاعتبار تأثير حجم السحوبات النقدية على تقليص حجم الأصول المستثمرة ضمن التحليلات للوقوف على الأسباب وراء عدم زيادة حجم الأصول المستثمر بالشكل المطلوب، حيث بلغت حجم السحوبات في 7 سنوات الماضية قرابة 1.2 مليار دينار، مشيرا إلى وجود 2786 دعوى يتم متابعتها في المحاكم.


وأوضحت في تصريحها عقب مناقشات لجنة التحقيق أن قيمة العوائد الاستثمارية للصناديق التقاعدية بين عامي 1995 و2018 بلغت 2.227 مليار دينار، في حين بلغ إجمالي قيمة الاستثمارات التي تم شطبها حوالي 17 مليون دينار.


وذكرت أنه وبهدف دقة المبالغ المستثمرة في الصناديق التقاعدية تم شطب بعض الاستثمارات القديمة وذلك بعد رصد المخصصات اللازمة، وأن معظم الاستثمارات المشطوبة تعود لما قبل دمج الهيئتين في سنة 2008، وقبل إنشاء شركة أصول في سنة 2012.


ولفتت إلى أن تعثرها كان نتيجة للأزمة العالمية في الأسواق المالية، مؤكداً أن وجود بعض الاستثمارات غير المجدية ضمن المحفظة الاستثمارية يعد أمراً طبيعياً وتكلفة متوقعة لأي نشاط استثماري طالما كان ضمن الحدود المقبولة.

المصدر: جريدة البلاد